إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية
130940 مشاهدة
حكم الصلاة خلف من يتعامل بالتمائم والسحر

سؤال: يوجد أناس يحملون القرآن ولكنهم يتعاملون بالتمائم والسحر، هل تجوز الصلاة خلفهم أم لا؟
الجواب: الذين يعملون بالتمائم ينظر في تمائمهم هذه؛ فإن كانت التمائم تتضمن شركًا ودعاءً لغير الله، واستغاثة بغير الله واستنجادًا بغير الله، فإن هذا شرك أكبر مخرج من الملة؛ لأن دعاء غير الله والاستغاثة به لا يقدر عليه إلا الله، وهو شرك أكبر، وهو من السفه والضلال؛ أما كونه من السفه فلأنه خروج عن ملة التوحيد التي هي ملة إبراهيم وقد قال الله -تعالى- وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وأما كونه من الضلال فقد قال الله -تعالى- وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ .
وبيّن الله -عز وجل- أن من دعا غير الله فقد عبده، ولكن هذا لا ينفعه؛ لأن هذا المدعو لا يمكن أن يستجيب له ولو دعاه إلى يوم القيامة، فلا أحد أضل ممن يدعو مَن هذه حاله.
وأما إذا كانت التمائم من القرآن أو من أدعية مباحة فقد اختلف العلماء في تعليقها، سواء علقها في الرقبة أو على العضد أو على الفخذ، أو جعلها تحت وسادته أو ما أشبه ذلك، والراجح من أقوال العلم عندي أنها لا تجوز؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس من حقنا أن نثبت سببًا لم ترد به الشريعة؛ فإن إثبات الأسباب التي ترد بها الشريعة كإثبات الأحكام التي لم ترد بها الشريعة، بل إن إثبات السبب هو في الحقيقة حكم بأن هذا السبب نافع، فلا بد من أن يثبت ذلك عن صاحب الشرع وإلا كان لغوًا وعبثًا لا يليق بالمؤمن.
وأما كونه يتعاطى السحر فإن كان السحر بالاستعانة بالأرواح الشيطانية ودعائها وما أشبه ذلك فهو شرك أكبر مخرج عن الملة لأنه كفر، وإن كان بما سوى ذلك فمحل خلاف بين أهل العلم، مثل أن يكون بأدوية ونحوها وقد قال الله -تبارك وتعالى- وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ والساحر -حتى ولو لم يصل إلى حد الكفر- فإن الواجب قتله إذا لم يتب من سحره؛ لأن قتله فيه مصلحة له ومصلحة لغيره.
أما كونه مصلحه له فلأنه يسلم من التمادي في ذلك العمل المحرم أو العمل الذي يصل إلى الكفر، وهذا خير له فإن الله -تعالى- إذا أملى للكافر والمعتدي الظالم فإن ذلك ليس من مصلحته، بل هو من مضرته، كما قال الله -تعالى- وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ .